وجهة نظر

حروب الجيل الرابع

الحرب بالإكراه

باسم الله والوطن، وأولادي.

 

 

“الجيل الرابع من الحروب: الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة، ثم فرض واقع جديد يراعي مصالح العدو”

الحرب للفوز بالقلوب والعقول، بعد أن كانت فكرة وهمية غير قابلة للتطبيق على يد جيوش الغزاة النظامية لفرض إرادتهم على أعدائهم، وجدت مكانها أخيرا في الواقع الافتراضي ومواقع تواصله الاجتماعي على يد كل من له خصومة مع الدولة والنظام الحاكم وقيادته ومؤسساته، سواءً من منظمات أو أفراد، أيما كان التوجه أو التيار أو القضية، ومستوى جدية الموضع من عدمه، أو كونه شأناً عاماً أو خاصاً، سياسياً أو دينياً أو اجتماعياً، ليعيث فيها تدميراً وتخريباً بلا أدنى إحساس بالمسؤولية التاريخية أو الأخلاقية لما سيتركه من خراب نفسي ومعنوي ومادي على ما قد يكون وطنه أو وطن أولاده من بعده. كل هذا بـحجّة الإصلاح أو المعارضة أو محاربة الفساد، والذي عادة ما ينتهي بالسخرية من ذلك الوطن والتشفي في مصائب مواطنيه وتحريضهم على حرق الأخضر واليابس.

تلك المنصات الاجتماعية أصبحت أرض المعركة الدامية وسلاحها في ذات الوقت، بمنشوراتها المسلحة والتي تتراوح بين الخفيفة كالتعليقات والتغريدات، أو المتوسطة كالصور والـmemes، أو الثقيلة كالمقاطع المصورة والبث المباشر، بخطوط إمدادها التي تمتد بلا تهديد، عبر المشاركة علناً أو عبر الرسائل الخاصة؛ ومحاربيها الذين يتناوبون على القتال فيها دون هوادة أو رحمة أو حتى هوية أو تنظيم في أغلب الأحيان، وبشكل متواصل ليل نهار دون استراحة أو توقف طالما توفر مصدر للطاقة وهاتف حديث.

ما ساعد العدو على احتكار ذلك الميدان وتلك الأسلحة هو الخطاب الرسمي التقليدي، ضعيف الجودة والمحتوى، المقيد في كل أوجهه، غير القابل للتغير السريع واللحظي، الثقيل على الآذان والمؤلم للأعين، مما انعكس في محاولاته الفاشلة في محاكاة العدو في بعض ما يصنع في الحرب الرقمية الجديدة.

 

كيف حدث هذا؟

بدأ هذا منذ دخولنا عصر فوضى المعلومات (وليس حريتها) ومنصات التواصل غير الخاضعة لسُلطة، على الأقل ما هو ظاهر منها، بقليل من الضوابط الخاصة والمفصلة في موضوعات بعينها والتي يقدسها من يقف على إدارة تلك المنصات، كالصوابية السياسية والحرية الجنسية ومنع معاداة السامية ودعم حقوق الأقليات وكافة ما تبشر به الماركسية الثقافية ورعاتها.

بقي الإعلام الرسمي بجموده المعروف وأحجم في البدء عن النزول لتلك الساحة، وتعامل معها على أنها أداة ترفيهية لهواة لا يضاهون رجالاتها ولا المحسوبية التي أوصلتهم لمواقعهم المؤثرة، أو هكذا توهموا، كونهم من حقبة إعلامية كان بها قناتين رسميتين يختتمان بثهما في منتصف الليل بالسلام الجمهوري، وصحفاً لا فائدة منها إلا تغليف الأطعمة!

في حين قام الإعلام المضاد بتدارك متطلبات السوق ووسائل نقل سلعته الدعائية العدائية وضوابطها، حيث أدرك أنه لن يحقق أهدافه إن لم يستمع إليه أحد، خاصة من الفئة العمرية القادرة على حمل السلاح المعلوماتي: الشباب، الذين في حال تجنيدهم ينطلقون ليحاربوا من أجلك بلا توجيه أو مقابل.

وكون ساحة المعركة هي سلاحها في ذات الوقت ولا أحد يحب أن يحصل عدوه على سلاحه أو سلاح يضاهيه، لهذا حاول الاعلام المعادي فرض سيطرته المطلقة على تلك المعركة ووصف كل من يحاول منفرداً التصدي له بكونه “ذباب الكتروني” تابع للدولة، وأطلق ذبابه الخاص لتحقيق تلك السيطرة.

لدرجة أنه عندما نزل رأس النظام السابق للدولة الأقوى في العالم، الولايات المتحدة، بتغريداته المثيرة للجدل والتي كان لها مفعول الصواريخ العابرة للقارات، أصاب الإعلام المعادي له الجنون كون أن الدولة عندما استخدمت نفس السلاح حققت انتصارا مفزعاً.

لكن ما فعله ذلك الرجل لا يصلح لنظام عمل رسمي، ما ساعده هو شخصيته الجدلية في موقعها الفريد، وباءت كل محاولات تقليده بالفشل، كما رأينا مع قادة أوروبا والشرق الأوسط.

الأنكى من ذلك، هو أنه عندما أدركت الأنظمة خطر تلك النوعية من الحروب وبدأت في محاولات متواضعة لمقاومة ذلك النوع من الهجمات، بعد إن اقتصرت تلك المقاومة على أفراد منعزلين مدفوعين بولائهم لأوطانهم ووعيهم الشخصي على حساب أشغالهم وحياتهم، مستغلين قدراتهم الخاصة على التغيير غير النمطي ومجاراة الأحداث لحظة بلحظة، عندها ظهر تطور خطير، والذي رصده بعض من المخلصين، وأسميته “حروب الجيل الرابع، الإصدار الثاني”!

قام العدو وفي خطوة استباقية لا يمكنني سوى احترام الدهاء الواقف خلفها، وإن كرهته، بالتسلل إلى تلك المقاومة، غير الرسمية منها والرسمية أيضاً، ليقوم بتوجيهها إلى هدفه الأهم، إغراقنا في غياهب فوضى لا رجعة منها وفرض إرادته علينا للأبد بعد أن فشلت كل محاولاته، من فتن طائفية وطبقية ومسلّحة.

عصابات الإرهابيين في الواقع الحقيقي، أو منصاتهم الدعائية في الواقع الافتراضي لم يعودوا رأس الحربة في حروب الجيل الرابع في إصدارها الثاني، كل هذا تم مجابهته وهزيمته وإن طال الأمر في بعض الأحيان أو قصر، بل رأس الحربة أصبح المقاومة المشوهة والهدامة التي وإن أظهرت الولاء للوطن فهي في الحقيقة تهدف لضمان عدم ظهور جبهة مقاومة حقيقية بإمكانها التصدي للعدو، بل إضعاف الجبهة الداخلية قدر الإمكان.

هنا أتحدث عن الأنموذج السابق ذكره في وعيدي/منشوري السابق، وما يسمى بالتيار القومي المصري، والذي أدرك العدو أنه حال سيطرته عليه، على خط الدفاع الأخير لأي إنسان: ولاؤه لدمه، واستخدام تلك المناعة الفطرية التي أعطانا إياها الإله لتدمير جسد الأمة وروحها، لسلخها من حضارتها وتاريخها، لافتعال عداوات مزيفة وصراعات جانبية، للتباهي بانتصارات وهمية، فلن تعود لنا قائمة!

هذه السيطرة وذلك التنظيم وتلك العناصر تم رصدهم، وتم رصد كل الخبث والتشويه الذي دُس فيه كالسم في العسل، من إلحاد وانحلال ومحاربة للدين والطبيعة، عبر خلية من المنحرفين جنسياً ومزدوجي الجنسية، والذين اعتقدوا لوهلة، ولاعتبارات صدقوها من تمسّح مزيف في السلطة المصرية المخلصة، أنهم سادوا تيار القومية المصرية، وشكلوها على أهوائهم المريضة، ليعيثوا في شباب مصر فساداً وتدميراً.

لا! إلا أولادي!!!

 

مصر، وفقط مصر، وليس لأنني مصرياً، كانت حائط الصد التاريخي لكل تهديد للبشرية، في قوتها صلاح للبشر، وفي ضعفها هلاكاً لهم.

لن أذكر كل الحملات التي تحطمت على الحائط المصري منذ بدء الخليقة، لكن أذكركم ونحن في ذكرى أحدث بطولة مصرية، عندما أوقفنا سقوط الشرق الأوسط في الفوضى الخلاقة، وأنهينا مخطط الخونة وأسيادهم، الذين عاثوا في شرقنا فساداً ولم يكن ليتوقف إلا بمباركة إلهية وبفعل مصري خالص، في الثلاثين من يونيو من العام 2013

الآن يعتقد بعض من الهواة المُدربين على استخدام منصات التواصل حديثاً أنهم سيهزموننا! هيهات!

لن أذكرهم بما حدث لمن تجرأوا على رفع علم قوس قزح في وسط الحشود لثواني معدودة منذ عدة أعوام، “اللي حصل لهم كان حلاوة روح، كلام فاضي”، القادم أسوأ لكم بكثير، والتهديد انتهى.

لن يُسمح لكم باختطاف قوميتنا، لن يُسمح بتيار خبيث من مزدوجي الجنسية والميول الجنسية بتحديد مصير ملايين من الشباب خلال العقد القادم من الزمان وتكوين طبقة من فاقدي الهوية الحقيقية، مثقفي المثلية الجنسية، معادي النظام ودعاة الفوضى، وإن أظهروا غير ذلك.

لقد حاربت مصر وأنا وملايين من المصريين ضد المتطرفين الدينيين منذ تسعينيات القرن الماضي، وبنجاح لا ينكره إلا حاقد أو حاسد أو خائن أو عدو… عهد من الله ومني أنكم ستلحقون بهم!

وكما يقول المثل المصري “كان غيركم أشطر“!

 

 

Content Protection by DMCA.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى